ما لم ترد إشارة إلى غير ذلك، فجميع ما في هذه المدونة من ترجمة أو كتابة هو لصاحب المدونة، أحمد شافعي، ولا يجب التعامل مع أي مادة هنا بما يتجاوز القراءة

الخميس، 26 نوفمبر 2015

رضا محمدي ... مقام الخراف

مقام الخراف

Reza Mohammadi

ولد الشاعر "رضا محمدي" في قندهار سنة 1979. درس الشريعة الإسلامية ثم الفلسفة في إيران قبل أن يحصل على الماجستير من جامعة متروبوليتان  في لندن. له ثلاثة كتب شعرية حصل بها على عدد من الجوائز من وزارة الثقافة الأفغانية، علاوة على اختياره أفضل شاعر شاب في إيران في عامي 1996 و1997. وهو علاوة ذلك صحفي ومعلق ثقافي نشرت مقالاته في إيران وفي أفغانستان وفي ذي جارديان البريطانية. ويعد أحد أكثر الشعراء إثارة للاهتمام بين الشعراء الذين يكتبون بالفارسية اليوم.
هذه المعلومات والقصيدة التي نقدمها له هنا مأخوذة جميعا من موقع المركز العالمي لترجمة الشعر.
***
كرة القدم
السياسة نهر
يفصل ما بين القريتين.

أنتم أيها الجنود
أنزلوا أسلحتكم
وهَدِّؤوا من روع أجهزة اللاسلكي
ولا داعي للأصفاد
أو التحذيرات
أو الأكمنة.

نحن لسنا منكم.
نحن لسنا منهم.

نحن نريد فقط أن نعبر
كي نستعيد الكرة.
***
ويبقى مسموحا للخراف دون الراعي أن تعبر الحدود. هكذا كان الحال في فيلم الحدود الذي لعب دور البطولة فيه الفنان السوري دريد لحام، والذي كتبه أيضا شاعر سوريا الراحل الكبير محمد الماغوط.
في ذلك الفيلم، كان بوسع المواطن، أو الإنسان، أن يقف بين بلدين، مشاهدا الحيوانات تسعى حيثما شاء لها العشب أن تسعى، ويرى الطيور تعبر ببساطة من سماء بلد إلى سماء بلد، دون أن تشعر قطعا بأن شيئا تغير، ويبقى هو مطالبا بورقة تسمح له بالمرور، وورقة تسمح له بالإقامة، وهكذا هو الحال في كلا جانبي السياج.
ذلك أن السياسة نهر، يفصل ما بين القريتين، والقرى، وبين البلدين والبلاد، بل إن البحر والمحيط وكل هذه المياه التي تبدو متصلة بين قارات الدنيا لا يعوقها عائق، حتى هذه المياه مقسمة تحرسها قوات بحرية، وغواصات بعضها مزود برؤوس نووية أو قادر على إطلاقها.
نحن لسنا منكم
نحن لسنا منهم
كلما التقى جمعان أو تناوشا، كانت الأغلبية ـ والغلبة في نهاية المطاف ـ لهؤلاء الذين لا هم من هؤلاء ولا من أولئك. تعالوا نرجع بالذاكرة إلى قرون بعيدة كانت تتنازع فيها السيادة على العالم قوتان: قوة الفرس وقوة الروم، فيغلب كل فريق الآخر حينا، وينغلب منه حينا، وتنتهي الحكاية كما نعرف بظهور قوة جديدة من قوم كانوا أشتاتا في الصحراء لا هم من هؤلاء ولا هم من أولئك، ولكنهم بدلا من أن ينهمكوا في لعب الكرة كانوا منهمكين في كتابة الشعر والتجارة والرعي والتحارب الداخلي بين الحين والآخر. غفل الكبار في صراعاتهم فاستهلكتهم وجعلتهم من بعد لقمة سائغة لدولة ناشئة، غفلوا مثلما يغفل الكبار عن آخرين يملأون لا صحراء العرب وحدها بل وكل مكان. في الوقت الذي كان الصراع فيه على أشده بين القوتين العظميين كانت مراكب تعبر النيل بالفخار، وقوافل تتنقل في وسط آسيا بالحرير، وملايين البشر الصُّفر يتعبدون إلى إله ميزته الخالدة أنه بدين ومبتسم، وكان هناك في عالم لن يتم اكتشافه إلا بعد قرون حضارة كاملة وتقويم خاص وتصورات مختلفة تمام الاختلاف عن الوجود والمآل.

وحتى داخل البلد الواحد، ثمة من ينسون في نشوة حملهم السلاحَ من الذي وضع في أيديهم هذا السلاح، من الذي كتب القوانين التي تخوِّل لهم إيقاف الناس في الطرقات هذا لأنه أسرع السير، وهذا لأنه يتسكع في سيره، وذلك لأنه يعتدي على أملاك الدولة، وكأن الدولة شيء آخر غير هؤلاء الصغار، أو لنقل البسطاء الذين ينسون هم أيضا وهم مشغولون بالكرة أو باللقمة أنهم أساس كل هذه النجوم على الأكتاف، وكل هذه الرايات على المعسكرات، وأنهم قد لا يضطرون في لحظة مجهولة أن يغيّروا رأيهم، يكفي أن يتذكروا أنهم ورثة الموِّكلين الأوائل، وأن بوسعهم أن يسحبوا التوكيل، أو يعدِّلوا صيغته. وفي فيلم أمريكي ما طلب معلم من تلاميذه في فصل بمدرسة ابتدائية أن يأتي كلٌّ منهم بفكرة مبتكرة، فجاء أحدهم بفكرة استسخفها المدرس، وتجاهلها الفيلم تماما، ولعلها لم ترسم على وجوه المشاهدين إلا بسمة، كانت فكرة الولد أن يُدعَى الصينيون، المليار ونصف مليار تقريبا، إلى أن يقفزوا جميعا في لحظة واحدة إلى أعلى قفزة بسيطة، ثم ينزلوا بعدها إلى الأرض، الأرض التي أحسب مثلما تصوّر على الأرجح ذلك الصبي الخيالي في ذلك الفيلم الأمريكي، أنها بعد هذه القفزة لن تكون ثانية نفس الأرض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق